المعروفة بلمعانها ومتانتها وحذاءو الشام مشهورون منذ القدم، وأهل الرفاهية والبذخ اليوم يأتون بأحذيتهم من الغرب جاهزة وخصوصاً النساء يرينها ألطف شكلاً وأدق صنعة ويقبلن عليها وإن كانت أغلى قيمة وأقل متانة مما يعمل هنا. ويلحق بصناعة الدباغة أو القرظية صناعة عمل الأوتار من المصير والمري وهي نافقة يبعثون بها بعد تحضير قليل إلى معامل الغرب فتعمل منها أوتار الأعواد والقيثارات وغيرها.
ومن أهم الصناعات تربية دود الحرير الفيالج أو الشرانق وهو عمل خاص باللبنانيين وبسكان أرجاء إنطاكية. وكانت مساحة الأراضي التي تغرس التوت الصالح لتربية دود الحرير واسعة أكثر من الآن في أرجائنا. فقد ثبت أن عمالتي وادي التيم والبقاع كانتا كلتاهما مغروستين بشجر التوت. واقتبس أصحاب تربية الدود في العهد الأخير طريقة باستور في تربية دود القز فزادوه إتقاناً. وتصدر منه كميات وافرة إلى معامل ليون في فرنسا وهناك يصلح الإصلاح المطلوب حتى يكون منه الحرير المعهود في نسج الثياب والطرائف. ومن تربية دود الحرير يعيش عشرات الألوف من الناس في هذه الديار. والغالب أن مناخ لبنان وإنطاكية وما إليها وبعض الأرجاء المعتدلة القريبة من الساحل تصلح فقط لتربيته ومنذ القديم لم يحظّ الحظ سائر الأرجاء أن تشترك في صنعه. وقد أسس في الزبداني في العهد الأخير معمل لحل الحرير على الطرز الحديث وتصدر
مصنوعاته إلى إيطاليا وفرنسا.
لم يكتف الصناع في منجوزاتهم بأخشاب الشام على كثرتها، بل أخذوا يجلبونها من قلقية ورومانيا وغيرهما، ومنهم من يجلبونه من أميركا وهو الجوز الأميركاني. يعتمدون عليه وعلى خشب الحور والجوز والزيتون والشربين والتنوب والميس والعرعر والدردار، وكان اعتمادهم يكثر في القديم على الصندل والصنوبر والسرو. وخشب السرو والصنوبر كما قال قسطا بن لوقا