والخوخ، وليس السبب في ذلك قلة مجموع الأمطار السنوية بل انحباسها منذ أواخر الربيع وطول فصل الصيف وأوائل الخريف. فأمطار باريز مثلاً لا تزيد في السنة على أمطار
بيروت أو أمطار طرابلس لكن المطر في باريز يهطل في كل شهور السنة تقريباً فتنمو الأشجار المذكورة دون ري على العكس من حالتها في الشام.
ومن الشجر ما يعيش بلا إسقاء في جميع مناطق الشام الغربية كالزيتون والكرمة واللوز والرمان والفستق والآس والزعرور والعناب. أما مناطقها الشرقية فمنها ما يصلح دون ري للكرمة واللوز والزيتون كشرقي العاصي إلى جبال الشومرية وكالجولان وحوران وجبل حوران وعجلون والبلقاءز ومنها ما أمطاره من القلة بحيث أن الأشجار عموماً لا تنجب بلا ري، كالغوطة والمرج وشرقي سنير منطقة القريتين وبادية الشام. وينمو الكرم واللوز بلا ري بعد أن يكبر في القرى الشرقية من منطقة سلمية والحمراء. أي أن المطر في تلك المنطقة وحالة المياه الأرضية هما بحيث لو سقي الكرم سنتين أو ثلاثاً حتى تضرب جذوره في التراب، لأمكن بعدها أن يعيش بلا ري.
واختلاف الأقاليم في الشام يجعل هذا القطر صالحاً لزرع زروع متنوعة، وغرس أشجار شتى، فالغور والساحل للقطن والنخل والموز والقشطة والبرتقال والليمون والزيتون. والسهول للحبوب والزيتون واللوز والمشمش والخوخ والكرمة. والجبال للتفاح والكمثرى والكرز. وتقل الأصقاع التي تحوي كالشام أقاليم عديدة في مساحات ضيقة. وليس في العالم بلد غيرها يستطيع فيه الإنسان أن يصعد إلى ارتفاع 2800 متر فوق سطح البحر بعد أن يكون في أعمق من مائتي متر من هذه السوية وذلك بقطع مسافة لا تزيد على 65 كيلو متر، هذا شأن الذي يكون في البطيحة أو التابغة على شواطئ بحيرة طبرية مثلاً ويريد الصعود إلى قمة جبل الشيخ فهو يعتلي ثلاثة آلف متر بقطع تلك المسافة الصغيرة.
كثيراً ما نسمع أن الشام قطر زراعي محض وأن تربتها من أخصب الأتربة