وفي رواية: يسأل أحدهم عن المسألة فيردها هذا إلى هذا وهذا إلى هذا حتى ترجع إلى الأول.

قلت:

ثم كثرت الوقائع والنازل وأفتى فيها مجتهدوا الصحابة والتابعين وأتباعهم, وحفظت فتاويهم وسطرت ودونت, ووصلت إلى من بعدهم من الفقهاء الأئمة ففرعوا عليها وقاسوا واجتهدوا في إلحاق غيرها بها, فتضاعفت مسائل الفقه وكثر الاختلاف. واختلاف الأئمة رحمة إذ نصوص القرآن والسنة تحتمل وجوها من التأويل, وطرق العربية ومجاريها واسعة, فلكل قول منها دليل.

ولم يزل علم الفقه كريما يتوارثه الأئمة معتمدين على الأصلين الكتاب والسنة مستظهرين بأقوال السلف على ما فيهما من غير تقليد.

قد نهى إمامنا الشافعي رحمه الله عن تقليده وتقليد غيره على ما سنذكره في فصل بعد هذا. وكانت تلك الأزمنة مملوءة بالمجتهدين, وكل صنف على ما رأى, وتعقب بعضهم بعضا مستمدين من الأصلين الكتاب والسنة, وترجيح الراجح من أقوال السلف المختلفة. ولم يزل الأمر على ما / وصفت إلى أن استقرت المذاهب المدونة, ثم اشتهرت المذاهب الأربعة وهجر غيرها,

طور بواسطة نورين ميديا © 2015