قلت:

ثم اشتهر في آخر الزمان على مذهب الشافعي تصانيف الشيخين أبي إسحاق الشيرازي - وهو إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزاباذي - وأبي حامد محمد بن محمد بن محمد الغزالي الطوسي رحمهما الله, فأكب الناس على الاشتغال بكتبهما, وكثرت النسخ بها, واشتهرت اشتهارا عظيما, وانتفع بها نفعا كثيرا, وكثر المتعصبون لهما حتى صار المتبحر المرتفع عند نفسه يرى أن نصوصهما كنصوص الكتاب والسنة لا يرى الخروج عنها, وإن أخبر بنصوص غيرهما / من أئمة مذهبه [الواردة] بخلاف ذلك لم يلتفت إليها التفاته إلى نصوصهما؛ تعصبا وحمية وقلة خبرة بالمصنفات ومصنفيها, وإنما هم على قدر مبلغهم من العلم. وقد يقع في بعض مصنفاتهما أو مصنفات أحدهما شيء قد خالف [المصنف] فيه صريح حديث صحيح, أو ساق حديثا على خلاف لفظه, أو نقل إجماعا أو حكما عن مذهب بعض الأئمة وليس كذلك, فإذا ذكر لذلك المتعصب الصواب في مثل ذلك تأذى وتنمر, وصاح وزمجر, وأخفى العداوة وأظهر, وكان سبيله أن يفرح بوصوله إلى علم ما لم يكن يعرفه, ولكن عمى التقليد أصمه عن سماع العلم المفيد. ويقول المتحذلق منهم المتصدر في منصب لا يستحقه: أما كان هؤلاء الأئمة يعرفون هذا الحديث الصحيح الوارد على خلاف نصهم, فيرد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ونصه الدال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015