وعلى ترتيبه وضعت الكتب المطولة في مذهب الشافعي ومعظم المختصرة. ثم صنف أبو العباس بن القاص مختصره المسمى ب:"التلخيص", فاعتنى به أيضا حفظا وشرحا. وطالت كتب أصحابنا الكبار الشارحة ل: "مختصر المزني" يجمعهم مسائل المذهب المنتشرة إلى ترتيبه, وكذلك يذكرون مذاهب العلماء والكلام عليها بالبحث والتقرير, ويستدلون للجميع بالآيات والأخبار والمعاني, ويلتزمون في كل مسألة منها تقرير مذهبهم, إلا مواضع قليلة نادرة ربما يتوقف فيها بعضهم أو ينبه عليها, وسينقل ذلك في مواضعه إن شاء الله تعالى.
ولا شك أن النظر في بعض المسائل يؤدي إلى تصحيح مذهب بعض الأئمة أو إلى ترجيحه, فمن الإنصاف الاعتراف بل هو الواجب نصحا لدين الله وللناس فإن الدين النصيحة.
واعلم أنه لا يفقه كل الفقه من لا يعرف اختلاف الناس ومذاهبهم, ويقف على أدلتهم وما تمسكوا به.
قال أبو قدامة: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: لا يجوز أن يكون / الرجل إماما حتى يعلم ما يصح مما لا يصح, وحتى لا يحتج بكل شيء, وحتى يعلم مخارج العلم.
وقال قتادة: من لم يعرف الاختلاف لم يشم الفقه بأنفه.