قلت:
فكيف حال من يترك ذلك لأنه لا يجده في كتب المتأخرين المقلدين, أو يجد فيها خلافه. والعجب أن منهم من يستجيز مخالفة نص الشافعي لنص له آخر في مسألة أخرى بخلافه, عسر عليهم الفرق بينهما فيصنعون فيهما شيئا يسمونه النقل والتخريج, فيخالفون نصه في المسألتين لأنهم ينقلون جوابه من كل مسألة منها إلى الأخرى, ثم لا يرون مخالفة نصه لأجل نص رسول الله صلى الله عليه وسلم, مع أنه قد صح عن الشافعي أنه أذن لهم فيما لعلهم يتركونه من ذلك, / وليسو يقدرون أن يروا عنه أنه أذن لهم فيما فعلوه من النقل والتخريج, ولعله رحمه الله كان عنده بين المسألتين فرق لم يطلعهم [الله] عليه, فمالهم يقولونه في [كل] مسألة منهما قولا لم يقله حتى كثرت الأقوال في المذهب والتخريجات, وكثرت في ذلك المناظرات, ولم يقولوه ما دل عليه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أنه قال لهم: ((القول ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قولي)) , على ما تقدم نقله عنه رضي الله عنه.
وقد قال البويطي: سمعت الشافعي يقول: لقد ألفت هذه الكتب ولم آل فيها, ولا بد أن يوجد فيها الخطأ لأن الله تعالى يقول: {ولو كان من عند غير