حين رأيت المحدثين من أصحابنا يرسلونها في المسائل على ما يحضرهم من ألفاظها, من غير تمييز منهم بين صحيحها وسقيمها. ثم إذا احتج عليهم بعض مخالفيهم بحديث يشق عليهم تأويله أخذوا في تعليله بما وجدوه في كتب المتقدمين من أصحابنا تقليدا, ولو عرفوه معرفتهم لميزوا به صحيح ما يوافق أقوالهم من سقيمه, ولأمسكوا عن كثير مما يحتجون به وإن كان يطابق آراءهم, ولاقتدوا في ترك الاحتجاج برواية الضعفاء والمجهولين بإمامهم, وما رد من الأخبار لضعف رواته وانقطاع إسناده كثير))
قلت:
وقد يسر الله تعالى - وله الحمد - الوقوف على ما ثبت من الأحاديث وتجنب ما ضعف منها بما جمعه علماء الحديث في كتبهم من الجوامع والمساند.
فالجوامع: هي المرتبة على الأبواب من الفقه والرقائق والمناقب وغير ذلك؛ فمنها ما اشترط فيه الصحة أي لا يذكر فيه إلا حديث صحيح شرط مصنفه, كـ: "كتابي البخاري ومسلم" وما ألحق بهما واستدرك عليهما, وكـ: "صحيح إمام الأئمة محمد بن إسحاق بن خزيمة", و"كتاب أبي عيسى الترمذي", وهو كتاب جليل مبين فيه الحديث الصحيح والحسن