وقوله صلى الله عليه وسلم: ((إلا في حد)) يعني ما يضربه الولاة على الجرائم فإنها حدود شرعية أي موانع وزواجر. وهي مقسمة إلى حد مقدر كحد الزنا والقذف, وإلى [حد] غير مقدر وهي التعزيزات على الجرائم التي لا مقدر في حدها من جهة الشرع, وإنما هو موكول إلى اجتهاد ولاة الأمر يفعلون من ذلك ما هو الرادع الزاجر لصاحب تلك الجريمة مما هو لائق به, وذلك يختلف باختلاف الجرائم؛ فمنها كبائر كأكل الربا, ومال اليتيم, والغصب, والفرار من الزحف, وعقوق الوالدين, فكيف يسوى بين هذه وبين الصغائر في أن لا يبلغ بالجميع عشرة أسواط؟ فأي انزجار يحصل بذلك؟ لا سيما من الأراذل والسفل, وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ((إن الناس قد تتايعوا في شرب الخمر, واستقلوا الحد)) , هذا مع كونه أربعين جلدة لم يبالوا بها وانهمكوا على الشرب الذي هو متلف للأموال, ومذهب للعقول, وحامل على كثرة المعاصي, فكيف بمن تمرد وتمرن على عقوق الوالدين والسحر, وشرهت نفسه في جمع الأموال من الربا والغصب, أيزجر بتسعة أسواط مثلا, هذا مناف لحكمة شرعية الحدود والتعزيزات, فليس لهذا الحديث الصحيح محمل إلا ما ذكرته وهو معنى حسن جيد. والحمد لله على فهمه,