ثالثها: من أثبت الرؤية فمعه زيادة علم، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ:
وعندنا قاعدة مقررة: المثبت مقدم على المنافي.
... وقد حصل عندنا الإثبات في أثر ابن عباس وليس رؤية مطلقة بل قيد فقال مرة ببصره ومرة بفؤاده، فالتصريح برؤية النبي صلى الله عليه وسلم بعيني رأسه ثابت ولنضرب مثالا ً: لو قلت للأخ إبراهيم: رأيت والدك هذا اليوم في رأس الخيمة، فقال: أنا أعلم أن والدي في مكة، فأنا أثبتُّ وهو ينفي فبكلام من نأخذ؟
نأخذ بكلام المثبت، ولا يعني هذا أن كلام النافي باطل أو أنه كذاب، لكن النافي يخبرنا ما كان، والأصل عدم ثبوت مجيء والدك إلا ببينة، فأنا أثبت – وأنت متعلق بالحال السابق، وهنا من نفى الرؤية فهو متعلق بالحال السابق، ومن أثبت فمعه دليل زائد فيقدم على النافي.
رابعاً: خصوصيات نبينا عليه الصلاة والسلام كثير وفيرة، فما المانع من أن يخصه بهذا؟!.
س: فهل هناك محظور أو مانع؟ وهل الرؤية في الدنيا مستحيلة أم ممكنة؟
جـ: ممكنة لكن ورد الشرع بأنها لا تحصل لغير نبينا عليه الصلاة والسلام فنحن ننفيها عن طريق منع الشرع لا عن طريق الاستحالة العقلية، ولو كانت مستحيلة عقلاً لما سألها موسى عليه الصلاة والسلام (قال رب أرني أنظر إليك) ، ومعنى المستحيل أنه كفر، فهل يسأل موسى عليه السلام كفراً من ربه؟!.
... فدل هذا على أنه كان يعلم أن الرؤية ممكنة، فإذا أراد الله أن يكرم بعض عباده بها أكرمه، فموسى تطّلع لهذا فقال الله له: إنك لا تتأهل لذلك في الدنيا، لكن انظر إلى الجبل إن استقر فسوف تراني، وتعليق الرؤية على ممكن يدل على أن الرؤية ممكنة، فلو ثَبت الله الجبل لرأى موسى ربه، لكن لما تجلى ربنا للجبل (جعله دكاً وخرّ موسى صَعِقاً) الشاهد؟؟؟ أنه علق الرؤية على ممكن فدل ذلك على أن الرؤية ممكنة.