إذن الانهماك في الماء والأخذ منه فوق الحاجة يدل على ركون إلى الدنيا، وقد كان نبينا عليه الصلاة والسلام أزهد خلق الله في حطام الدنيا وهو الذي يقول: [مالي وللدنيا إنما أنا كراكب قال تحت شجرة ثم راح وتركها] ، وقال في الحديث (قال) ولم يقل (نام) لأن القيلولة وقتها قصير من بعد الظهر إلى العصر بخلاف النوم، فإنه يكون طويلا ً لوقوعه في الليل، وهذا هو حال نبينا عليه الصلاة والسلام كان قليل النوم وكان يقوم الليل حتى تورمت قدماه، فإذا فرغت فانصب أي إذا فرغت من طاعة فانصب إلى طاعة أخرى وعملك جد متواصل وليس عندك كسل ولا فتور كما هو الحال في جامعاتنا الهابطة (4) شهور إجازة وعطلة، أي الطالب يصبح عاطلا ً، وطالب العلم الحقيقي لا يتوقف عن العلم إلا في مناسبات شرعها الإسلام كالعيدين، وما عداهما فلا ينبغي أن يتوقف عن العلم أو يعطى عطلة والله المستعان، فلا يوجد في قاموس المسلمين شيء اسمه عطلة لأن الله سبحانه يقول لنبيه ونحن له في هذا تبع (فإذا فرغت فانصب) ، فإذا فرغت من طاعة وعمل فانصب إلى عمل آخر ولا تظن أن العمل انتهى لأن الدنيا مزرعة الآخرة ولابد من غرس عمل متواصل، أما الحصاد ففي يوم الدين (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره) والمزارع لا يعرف العطلة في موسم الزراعة، فذاك هو حال نبينا عليه الصلاة والسلام مع الدنيا.
[وأما إناء العسل فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم وشرب منه قليلا ً] وذلك لأن العسل شفاء كما قال تعالى: (يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس) فإذن هو بمثابة الدواء والإنسان يأخذ منه بمقدار الحاجة، فالنبي صلى الله عليه وسلم أخذ منه غذاءً لشفاء البدن وصحته.