وهذا خلاصة الروايات وبعد أن أذكرها لكم وحاصل ما فيها أرشدكم إلى مصادرها لترجعوا إليها لأن في بعض الروايات أنه قدم له قدحان، وبعضها ثلاثة أقداح وبعضها أنه حصل هذا في بيت المقدس وبعضها أنه حصل في السماء عند سدرة المنتهى.

والمعتمد أنه تكرر عرض الآنية على نبينا عليه الصلاة والسلام مرة في بيت المقدس ومرة في السماء وكل مرة لها حكمة كما تقدم معنا في شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم أربع مرات وكل مرة لها حكمة وهذا الأمر كذلك، ومجموع الآنية أربع لكن بعض الرواة قصر في الحفظ فذكر بعض هذه الآنية.

الحاصل أن مجموع ما عرض على الرسول صلى الله عليه وسلم أربع آنية في حادثة الإسراء بعد أن ألقى كل نبي خطبته في بيت المقدس: يقول النبي عليه الصلاة والسلام: [ثم جاءني جبريل بأربعة آنية، إناء فيه ماء، وإناء فيه عسل، وإناء فيه لبن، وإناء فيه خمر، فقال: ألا تشرب يا محمد؟ عليه صلوات الله وسلامه] وكان سبب هذا الشرب وسبب عرض الآنية عليه هو لما حصل له من العطش في هذه الرحلة المباركة من مكة إلى بيت المقدس فإذن كان عرض الآنية عليه في الدنيا من أجل دفع الظمأ والعطش -[قال: فأخذت إناء الماء فشربت منه قليلا ً، فقال لي جبريل: لو ارتويت منه لغرقت وغرقت أمتك] والسبب في هذا أن الماء ليس كاللبن الذي هو شراب وغذاء، إذ أن اللبن غذاء الفطرة وأما الماء فهو دافع العطش والظمأ فقط فيأخذ الإنسان بمقدار دفع الحاجة فلو أخذ منه أكثر من المطلوب لآذى نفسه، ولو سلك الإمام طريق الأذى فالرعية سيسيرون وراءه، فأنت لو أخذت من الماء أكثر من حاجتك لنتج عن هذا أنك تغرق في شعب الدنيا وأوديتها وحطامها ولذائذها وتنهمك فيها وتعرض عن الآخرة وحاشاك من ذلك، إنما هذا على سبيل الافتراض البعيد ولغرقت أمتك أي لتبعت الدنيا وأعرضت عن الآخرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015