في المقابل قد يقول قائل: الإسراء والمعراج باطل، ورد به السمع لكن العقل يحيله، وعليه فنرد السمع، نقول: لأن العقل ليس بصريح إنما هذا العقل قبيح، فلو كان عقلاً صريحاً لاحترم نفسه وقال: هذا ليس بمستحيل، لأنه ليس فيه جمع بين النقيضين وليس فيه نفي للنقيضين، فيتصور وجوده – ويتصور عدمه، فإذا شاء ربنا أحد الممكنات فليس بمستحيل (كن فيكون) ، (وهو على كل شيء قدير) .
س: ما هي مواصفات العقل الصريح؟
جـ: العقل الصريح لا يمكن أن يوجد ولا أن يحصل في غير المؤمن الذي يخاف من الله ومن عدا المؤمن سيقول يوم القيامة: (لو كنا نسمع أو نعقل) كما أخبرنا الله عنهم، فكل من عدا المؤمن فليس عند واحد منهم عقل صريح، لكن قد تقل نسبة الحماقة وقد تكثر وأول الحمقى اللعين إبليس، لأنه أول من اعترض على الله، وهذا عقل صريح أم عقل قبيح؟ بل هو قبيح، فماذا قال لله: (رب فأنظرني إلى يوم يبعثون) ، (رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين) فيا إبليس يا ملعون، بماذا تخاطب الحي القيوم؟ تقول رب، إذن هو ربك خلقك فكيف تعترض عليه وتقول (أأسجد لمن خلقت طيناً) ، (أنا خير منه) أنت تقول رب، أمرتني بالسجود لآدم ثم تقول هذا خلاف الحكمة، فأنت سفيه الحكمة تقتضي أن يسجد آدم لي لأنني أنا من نار وهو من طين، ولنناقش كلامه: أنت تقول الله خلقك وأعطاك الحكمة فهل يعقل لمن أعطاك الحكمة أن يرضى لنفسه بالسفاهة فهذا لا يقبله عقل.
أمر ثانٍ نناقشك فيه سلمنا أن عندك حكمة فأنت تقول النار أحسن من الطين، ولم أحسن مع أن طبيعة النار الطياشة والتفريق، وطبيعة الطين الرزانة والهدوء؟ وانظر إلى نتيجة الطين ونفعه للمخلوقات أجمعين تضع فيه حبة يعطيك شجرة فيها من كل زوج بهيج، والنار تحرق ثيابك إن لم تحرقك فالطين طبيعته الإصلاح، والنار طبيعتها الإفساد.