المعنى الثاني: الذي لا جَوْفَ له ولا عَيْبَ فيه، فهو الذي يُطعِم ولا يُطعَم، ويَغلب ولا يُغلب، وهو الغنيّ عن العالمين (?) .

... والمعنيان – كما ترى – يستأصلان تلك الوسوسة، ويذهبانها، لأن فرض كونه مخلوقاً لغيره يتنافى مع السيادة الكاملة، والغنى التام.

... ولفظ "لم يلد" ينفي تلك الشبهة الشنيعة أيضاً، لأنه إذا كانت ولادته لغيره مستحيلة في حقه – جل وعلا – لاستلزام ذلك ثلاثة محاذير لا يمكن أن يتصف بواحد منها ربنا العليّ الكبير، وهي:

1- استدعاء الولادة انفصال مادة منه، وذلك يتنافى مع ما تقدم من كونه "أحداً"، "صمداً".

2- اقتضاء كون المولود من جنس والده، والله – جل وعلا – ليس كمثله شيء، فهو "أحد" ليس يجانسه أحد.

3- الغرض من الولد: الإعانة، وامتداد الأثر، عن طريق مساعدة الولد، وقيامه بعد والده، وهذا يتنافى مع كونه "صمداً فهو الغني عن العالمين، حي، دائم، باق ٍ، لا يشوب ذلك نقص في حين من الأحايين، وهو ملجأ الخلائق أجمعين (?) . فاستحالة ولادته من غيره أعظم، وأظهر. وقوله: "ولم يولد": صريح في بطلان كونه حادثاً لمحدث، ومفعولاً لفاعل، فالمولودية تقتضي ثلاثة أشياء يستحيل قيام واحد منها برب الأرض والسماء وهي:

أ) سبق العدم، وذلك يتنافى مع أحدية الله وصمديته.

ب) الانفصال من الغير، ولا يمكن اجتماع هذا مع الموصوف بالأحدية والصمدية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015