.. وإنما كان ذلك القول مُذهِباً لتلك الشبهة، وداحضاً لها، لأن من استحضر صفات الله اللازمة له اندفع عنه ذلك الوهم، بأسرع من اندفاع السهم، فالله الجليل خالق كل شيءٍ، وهو الأول الذي ليس قبله شيءٌ، وهو الآخر الذي ليس بعده شيء وقد بلَّغ الرسل الكرام – عليهم الصلاة والسلام – ذلك لأقوامهم ودلت عليه عقول الناس، وهو مركوز في فطرهم، ولذلك ينبغي من اعترته تلك الشبهة أن يقول: آمنت بالله وبالرسول – صلى الله عليه وسلم – زيادة في التسليم، والإيقان، والقبول.
... وقد أمرنا نبينا – صلى الله عليه وسلم – باستحضار صفات الله اللازمة، عند حدوث تلك الشبهة الغاشمة – روى الإمام أحمد في المسند، وغيره عن أبي هريرة – رضي الله تعالى عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: "ليَسْألنكم الناس عن كل شيء، حتى يقولوا: الله خلق كل شيء، فمن خلقه؟ قال يزيد بن الأصم (الراوي عن أبي هريرة) فحدثني نَجْمة بن صبيغ السلمي أنه رأى ركباً أتوا أبا هريرة – رضي الله تعالى عنه – فسألوه عن ذلك، فقال: الله أكبر، ما حدثني خليلي – صلى الله عليه وسلم – بشيء إلا وقد رأيته، وأنا أنتظره، قال جعفر (الراوي عن يزيد) بلغني أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: "إذا سألكم الناس عن هذا فقولوا: الله كان قبل كل شيء، والله خلق كل شيء والله كائن بعد كل شيء (?) ".