الأمر الأول: لا يطلق اسم الرجاء إلا على ما يقع التردد في حصوله، فلا يقال ذلك اللفظ فيما هو مقطوع في حصوله، كما هو الحال في الخوف تماماً، يقال: أرجو نزول المطر، وأخاف انقطاعه، وأرجو مغفرة ذنوبي يوم الحساب، وأخاف من المؤاخذة والعقاب، ولا يقال: أرجو نزول المطر وقت نزوله، وأخاف انقطاعه وقت انقطاعه، وأرجو قيام القيامة، وأخاف عدم قيامها.

الأمر الثاني: إذا لم يبذل المكلف ما في وسعه من الأسباب، فهو في دعوى الرجاء كذاب، وذلك حماقة وغرور، وعجز وتمن من قبل أهل الشطط والثبور، وإليك تقرير هذا بالأمثلة الحسيات، ثم إقامة البرهان عليه بالأدلة البينات (?) .

المثال الأول:

... من رجا حصول الولد بذل ما في وسعه من الأسباب الممكنة للحصول عليه بطريقة محكمة، فيسعى في تحصيل منكح له قابل للولادة، ولا يكفي حصوله عنده لوجود الولد، حتى يلقي البذر فيه عند أهل الرشد، وهذا ما في وسه كل أحد، ثم يرجو فضل ربه الصمد، في خلق الولد، ودفع الآفات عنه وعن أمه إلى أن يكتمل حمله، ويتسهل خروجه، فمن قام بذينك الأمرين: بذل ما في الوسع، وانتظار فضل الرب – جل وعلا – فهو كيس عاقل.

... ومن رجا الولد ولم ينكح ما هو قابل للولادة، أو نكح ولم يلق في منكوحه البذر فهو أحمق مغرور باتفاق أهل العقول، ولا يعتبر ذلك من الرجاء عند الأذكياء الأزكياء، بل هو عته وسفاهة باتفاق العقلاء.

وهكذا الحال في رجاء رحمة رب الأرض والسماء، سواء بسواء، فمن رجاها، ولم يعمل بمقتضاها، فهيهات هيهات أن يلقاها.

المثال الثاني:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015