إخوتى الكرام: وقد تقدم معنا أن كثيرا من سلفنا عندما رُغبوا رغبوا وكان يعرض عليهم فى نومهم نماذج مما يكون فى جنة ربهم فكثيرا منهم كما تقدم معنا رأى الحور العين فى نومه وكلمته بما كلمته به كما تقدم معنا وحقيقة إخوتى الكرام: إذا كان الإنسان عاقلا يتعلق بما أعد الله لأوليائه فى دار كرامته ومهر ذلك أن يفطم الإنسان نفسه عن المعاصى وعن الرزائل والمحرمات فى هذه الحياة ولذلك قال العبد الصالح يحيى ابن معاذ الرازى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا وهو من كبار المشايخ ومن العلماء الربانيين توفى سنة ثمان وخمسين ومائتين للهجرة وانظروا ترجمته العطرة الطيبة فى سير أعلام النبلاء فى الجزء الحادى عشر صفحة خمس عشرة يقول هذا العبد الصالح ترك الدنيا شديد وفوت الآخرة أشد ومهر الآخرة ترك الدنيا, ترك الدنيا شديد حقيقة أن يبتعد الإنسان عن المحرمات واللذائذ التى هى فيها معصية لرب الأرض والسموات والنار حفت بالشهوات كما أن الجنة حفت بالمكاره ترك الدنيا شديد وتقدم معنا أن كل ما ورد من ذم للدنيا فى كلام ربنا وحديث نبيا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه وكلام أئمتنا يراد من ذلك التلهى بها عما خلق الإنسان من أجله وعليه كل ما شغلك عن الله فى هذه الحياة فهو مذموم عليك وشؤم عليك ولذلك هنا فوت الدنيا ترك الدنيا شديد حقيقة يحتاج إلى جهد ومجاهدة لكن إذا استحضر الإنسان أن فوت الآخرة أشد يهون عليه أن يترك المشتهيات فى هذه الحياة من أجل أن ينال ما هو أعظم منها بعد الممات وفوت الآخرة أشد فما مهر الآخرة وما مهر الحور العين وثمن جنات النعيم ترك الدنيا يترك الإنسان ما يلهيه عن ربه جل وعلا فى هذه الحياة ومهر الآخرة ترك الدنيا وكما قلت هو من العلماء الربانيين وحقيقة له كلام فى الوعظ يصدع القلب والإمام ابن الجوزى فى صفة الصفوة ترجمه فى قرابة عشرين صفحة وهكذا الإمام أبو نعيم فى حلية الأولياء فانظروا ترجمة هذا العبد الصالح فى