".
فتأمل يا عبد الله تلك الأخبار عن سلفنا الأبرار، وانظر كيف اشتد وجلهم مما أصابوه من الدنيا عن طريق الحلال، واشتد خوفهم عند فراق هذه الدار، لا حزناً عليها ولا زهداً في مقابلها، ولكن خشية عدم الالتزام بالمسلك الأقوم الذي كان عليه نبينا – صلى الله عليه وسلم – مع أنهم – رضي الله تعالى عنهم – لم يشدوا خيطاً على ما أتاهم من مال، ولم يمنعوه من تعرض لهم بالسؤال وبذلوه في الخيرات آناء الليل وأطراف النهار، فكيف بنا وقد ركنا إلى الدنيا، فلم نقنع منها بالقليل ولم نشبع من الكثير، وقد حذرنا رسولنا الجليل – صلى الله عليه وسلم – من هذا المسلك الحقير؟ نسأل الله أن يبصرنا بعواقب الأمور، وأن يوفقنا لإيثار الآخرة على دار الغرور، لنحظى بخاتمة السعادة عند انتقالنا إلى القبور، ولنفوز برضوان ربنا الغفور في دار الحبور والسرور.