وكنا نتدارس الحكمة الرابعة إخوتى الكرام ألا وهى تذكر لذة الآخرة فى هذا النكاح الذى أحله الله وشرعه فى هذه الحياة وبينت فيما تقدم أن أعظم المشتهيات الحسية عند المخلوقات فى هذه الحياة شهوة الجنس فهى ألذ اللذائذ عند البشر وهذه اللذة التى يقدمونها على ما عداها من المشتهيات من اللذائذ المحسوسات هذه اللذة مع أنها تقدم كما تقدم معنا فيها مكدرات وآفات فإذا كانت النفس تتعلق بهذه اللذة مع ما فيها ن كدر ونقص فينبغى أن تتعلق بهذه اللذة فى الدار الآخرة إذا لم يكن فيها شائبة ولا عكر ولا كدر ولذلك إخوتى الكرام سنتدارس فى هذه الموعظة وصف النساء الطاهرات اللائى يكن فى جنة رب الأرض والسماوات من المؤمنات ومن الحوريات المباركات وهذه المدارسة كما سيأتينا تحرك هممنا لطلب ما عند ربنا جل وعلا نعم إن المؤمن يتذكر ما يكون فى الجنة من نعيم حسى من مطاعم ومشارب ومناكح لكن أعظم نعيم عنده فهو الذى ينبغى ألا يغيب عن باله طرفة عين هو رضوان الله جل وعلا عليه فى هذه الحياة وهكذا بعد الممات ثم التنعم بلذة النظر إلى وجهه الكريم فى جنات النعيم نسأل الله أن يمنه علينا بذلك أنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين وما عدا هذا أيضا فهو من فضل الله الذى تفضل به علينا فى هذه الحياة وفى نعيم الجنات من مآكل ومشارب ومناكح لكن هذا دون رضوان الله علينا ودون تطلعنا إلى التمتع بالنظر إلى نور وجه ربنا سبحانه وتعالى نعم تلك نعم كما قلت تتطلع هممنا إلينا وتتعلق نفوسنا بها لكن نضع كل شىء فى الموضع ولذلك كان كثير من الصالحين يعرض عليهم فى نومهم الحور العين ويرون هذا وهذا وقع لعدد كثير من أئمتنا بل بعضهم أنشدته زوجته الحورية أبياتا من الشعر وهو نائم فحفظها ونقلها إلينا وهذا مدون فى تراجم كثير من أئمتنا.