ويروى عن ابن عباس هذا الفراء يقول للمأمون أنه أمسك للحسن والحسين ركابيهما حتى خرجا من عنده فقال له بعض الحاضرين أتمسك لهذين الحدثين ركابيهما وأنت أسن منهما قال اسكت يا جاهل لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوى الفضل قال له المأمون لو منعتهما عن ذلك لأوجعتك لوما وعتبا وألزمتك ذنبا لكنت مذنبا عندى ومقصرا وأعاتبك عتابا شديدا لو منعت ولدى من تقديم النعل إليك وما وضع ما فعلاه من شرفهما هذا لا ينقص شرفهما بل رفع من قدرهما وبين عن جوهرهما وقد سبتت لى مخيلة الفراسة بفعلهما يعنى علامة الفراسة تفرست فيهما أنهما من أصل كريم وسينتج عنهما شأن عظيم فى المستقبل فليس يكبر الرجل وإن كان كبيرا عن ثلاث هذه لا يمتنع منها الإنسان مهما كان كبيرا القدر عن تواضعه لسلطانه ووالده ومعلمه العلم وقد عوضتهما ما فعلاه عشرين ألف دينار ولك عشرة آلاف درهم على حسن أدبك لهما هذا حقيقة الأدب الذى كان يتلقاه أئمتنا وكانوا يعلمونه للنشء ولمن يحضر مجالس الذكر.
إخوتى الكرام: هذا لا بد من وعيه وإن كانت عادتى دائما فى مطلع الدروس التى أقوم بها أن أقدم مقدمة فى أدب طلب العلم بعد أن يخلص طالب العلم فى نيته لربه إذا حصل هذا منه ستظهر عليه علامات وآداب يتأدب بها فعلا وتركا وهذه كنت أجملها فى عشرة آداب وذكرتها هنا فى مواعظ النساء وهى مسجلة فى محاضرتين موعظتين أو فى ثلاث مواعظ وهذه كنت أشرحها كما قلت أذكرها على سبيل الإيجاز وهذه تدل كما قلت على صدق طالب العلم فى طلبه وأنه يريد بعلمه وجه ربه ...