الآفة التاسعة: هذه اللذة مهما طالت وصفت فهى زائلة فانية إذا طالت وصفت لك فلا منغص فيها ولا مكدر وهيهات هيهات فالمكدرات تحيط بها من جميع الجهات مع هذا أيضا لا تدوم زائلة ومنتهية وهذا هو حال الدنيا من أولها إلى آخرها وقد فضحها الموت فلم يترك لذى لب فيها فرحا حقيقة إنه هادم وهازم اللذات وكل لذة تتمتع بها يأتى الموت ويستأصلها ويذهبك عنها ويحول بينك وبينها إذن هذه اللذة مع ما فيها من نقص ليست دائمة وأما فى الآخرة فالأمر ليس كذلك وكما قلت هذه الشهوة تناسب حال هذه الدنيا التى هى دار الذل والعناء والبلاء والفقر والتعب والنكد هذه الدنيا تساق إليك عفوا أليس مصير ذلك إلى زوال بلى وما دنياك إلا مثل فىء أظلك ثم آذن بالزوال ثم آذن بالارتحال حال الدنيا من أولها لآخرها ذاك فىء تستظل به ثم يزول كظل تستظل به ثم يزول وهنا كذلك فهذه الشهوة إذن زائلة وأما شهوات الآخرة نعيم الآخرة هناك يا عبد الله تصح فلا تسقم وهناك يا عبد الله تشب فلا تهرم وهناك يا عبد الله تنعم فلا تبأس كما سيأتينا وهناك تتمتع فلا تتكدر وهناك تحيا فلا تموت فشتان شتان ما بين النعم واللذائذ والمشتهيات فى هذه الحياة وما بين ما يكون فى نعيم الجنات نسأل الله أن يجعل دار كرامته دار لنا بفضله ورحمته إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015