أولها: قالوا إن الوضوء هنا يحمل على غسل اليد والمضمضة وليس المراد منه الوضوء الشرعى لما فى لحم الإبل من زيادة سهوكة والسهوكة هى الرائحة الشديدة الكريهة يقال سهك سهكا إذا عرق فانتشرت منه رائحة كريهة فلحم الإبل فيه زهومة شديدة فلذلك أمر الناس بغسل الكفين والمضمضة منه بعد أكله وليس المراد الوضوء الشرعى قال الإمام النووى فى المجموع يقول هذا ضعيف لأن الحمل على الوضوء الشرعى مقدم على اللغوى كما هو معروف فى كتب الأصول.
القول الثانى: قالوا هذا منسوخ بحديث جابر المتقدم ابن عبد الله كان آخر الأمرين من رسول الله عليه الصلاة والسلام ترك الوضوء مما مست النار قال النووى وأما النسخ فضعيف أو باطل لأن حديث ترك الوضوء مما مست النار عام وحديث الوضوء من لحم الإبل خاص والخاص يقدم على العام سواء وقع قبله أو بعده ثم قال النووى وأقرب ما يُستروح إليه يعنى يميل إليه الإنسان قول الخلفاء الراشدين وجماهير الصحابة يعنى أقرب ما يمكن أن يلتمس لهذا القول من دليل قول الخلفاء الراشدين الأربعة وجماهير الصحابة بأن لحم الجزور لا ينقض الوضوء.
خلاصة الكلام:
عندنا قولان معتمدان أما القول الثالث الذى هو وسط بينهما بأن الوضوء من كل ما مسته النار فالإمام النووى فى شرحه لصحيح مسلم حكى الإجماع بعد عصر الصحابة على أنه لا يجب الوضوء مما مست النار إنما الكلام فقط فى لحم الجزور خاصة انتقاض الوضوء من لحم الجزور رجحه النووى فى المجموع ورجحه فى شرح صحيح مسلم فى الجزء الرابع صفحة تسع وأربعين قال هذا المذهب أقوى دليلا وإن كان الجمهور على خلافه.