احفظه هذا ماء الحياة به تحيا ما دام فيك فأنت فى صحة وسلامة وعافية نقص منك تتضرر احفظ الدمين الأبيض والأحمر فى صغرك ينفعانك فى كبرك وقد بلغ من حرص بعض الناس على صحته وإن كان مسلكه لا يقتدى به كما أنه لا يقتدى أيضا بشخصه فمسلكه باطل وهو على باطل وهو أبو مسلم الخرسانى الذى هلك سنة سبع وثلاثين ومائة للهجرة وهو مؤسس الدولة العباسية من السفاحين الذين زاد سفكهم للدماء وظلمهم للناس على ظلم الحجاج فالحجاج قتل عشرين ومائتا ألف وأما هذا أحصى من قتلهم فبلغ ستمائة ألف من قتله أبو مسلم الخرسانى قتل فى دمشق فقط خلال ثلاث ساعات خمسين ألفا أبو مسلم الخرسانى لكن بشر القاتل بالقتل ولو بعد حين من الذى قتله الذى أفنى حياته فى خدمته وأسس له ملكه أبو جعفر المنصور استدعاه وقتله أمامه وأنشد أبو جعفر بيتين من الشعر بعد قتل أكبر قواده ومؤسس دولته فقال:
زعمت أن الدين لا يقتضى ... فاستوفى بالكيل أبا مجرم
ج
واشرب بكأس كنت تسقى ... بها أمر بالحلق من العلقم
بدل أبا مسلم أبا مجرم
أبو مسلم الخرسانى يذكر أئمتنا فى ترجمته كما يذكر هذا الإمام الذهبى فى السير فى الجزء السادس صفحة ثمان وأربعين أنه كان لا يأتى النساء إلا مرة واحدة فى العام فقط محافظة على صحته وعناية بأمر جسمه ثم يقول لشرفه واشتغاله يعنى بأمور الرعية مرة واحدة فى السنة يجامع بها زوجته بعد هذا لا صلة له بالنساء كما قلت لا يقتدى لا بفعله ولا به لكن انظر يعنى فى الفكرة العامة أن الإكثار منه حقيقة ضار فلا بد من وضع الشىء فى موضعه نعم ينبغى للإنسان أن يتعهد نفسه وأن يعف أهله لكن ينبغى أن يكون ذلك باقتصاد بحيث لا يرهقه ولا يتعبه ولا يؤذيه أما يترتب على هذا أذى فهذا فى الحقيقة لا ينبغى أن يحصل.