السبب الثاني لسوء الخاتمة: الاغترار بالحال الحاضرة، والعجب بما يصدر عن الإنسان من طاعات ناقصة قاصرة، والغفلة عما في المكلف من الآفات، التي توجب له سوء الخاتمة عند الممات، وأمهات ذلك ثلاث بليات مهلكات، قل أن يخلو عن واحد منها أحد من المخلوقات، والمحفوظ من حفظه رب الأرض والسموات.

البلية الأولى باتفاق: اتصاف المكلف بالنفاق والغفلة عما فيه من سوء الأخلاق، ولا يخلو عن ذلك إلا الصديقين المقربون، لأن حقيقة النفاق اختلاف السر والعلانية، وتغاير المدخل والمخرج، وتضاد القلب والفعل، قال يزيد بن الحارث: إذا استوت سريرة العبد وعلانيته فذلك النصف، وإن كانت سريرته أفضل من علانيته فذلك الفضل، وإن كانت علانيته أفضل من سريرته فذلك الجور، وأنشد في هذا المعنى:

إذا السرُ والإعلان في المؤمن استوى ... فقد عزّ في الدارين واستوْجبَ الثنا

فإنْ خالفَ الإعلانُ سِراً فماله ... على سعْيه فضلٌ سوى الكَدِّ والعنا

فما خالِصُ الدينار في السوقُ نافِقٌ ... ومغشوشه المردودُ لا يقْتضي المُنا (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015