.. ولذلك كانت حلية الأبرار، عدم الأمن على إيمانهم ما داموا في هذا الدار، ولا يشعرون بالسعادة، وحصول الأمن إلا إذا فارقوا هذه الدنيا على توحيد العزيز الغفار، ذكر الأئمة الكرام في ترجمة الإمام أحمد بن حنبل شيخ الإسلام – عليهم جميعاً رحمة رب الأنام – أن ولده عبد الله قال: لما حضرت أبي الوفاة جعل يفرق ثم يفيق، ثم يفتح عينه، ثم يقول بيده هكذا لا، بعد، لا، بعد، ثلاث مرات، ففعل هذا مرة وثانية، فلما كان في الثالثة قلت له: يا أبتي أي شيء هذا، قد لهجت به في هذا الوقت؟ تفرق حتى تقول: قد قضيت، ثم تعود، فتقول: لا، بعد، لا بعد؟ فقال لي: يا بني ما تدري؟ فقلت: لا، فقال: إن إبليس – لعنه الله تعالى – قائم حذائي عاض على أنامله، يقول لي: يا أحمد فتني، وأنا أقول له، لا، بعد، حتى أموت (?) .

... ولما احتضر أبو هريرة – رضي الله تعالى عنه – بكى، وقال: والله ما أبكي حزناً على الدنيا، ولا جزعاً من فراقكم، ولكن أنتظر إحدى البشارتين من ربي، بجنة أو بنار.

... وقيل لجابر بن زيد عند الموت: ما تشتهي؟ فقال نظرة إلى الحسن البصري – عليهم جميعاً رحمة الله تعالى، فلما دخل عليه الحسن رفع طرفه إليه، ثم قال: يا أخو أناه الساعة والله أفارقكم إلى النار أو إلى الجنة.

... وقال محمد بن واسع – رحمه الله تعالى – عند الموت: يا إخواناه، السلام عليكم، إلى النار أو يعفو الله – عز وجل –.

... قال الغزالي – رحمه الله تعالى –: فخوف سوء الخاتمة قطع قلوب العارفين، وهو من الدواهي العظيمة عند الموت (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015