عرقاً واحداً لكان ألمه عظيماً، فكيف والمجذوب نفس الروح المتألم لا من عرق واحد، بل من جميع العروق، ثم يموت كل عضو من أعضائه تدريجياً فتبرد أولاً قدماه، ثم ساقاه، ثم فخذاه، ولكل عضو سكرة بعد سكرة، وكربة بعد كربة، حتى يبلغ بها إلى الحلقوم، فعند ذلك ينقطع نظره عن الدنيا وأهلها ويغلق دونه باب التوبة، وتحيط به الحسرة والندامة ثم نقل الغزالي عن أخبار أهل الكتاب أن نبي الله موسى – على نبينا وعليه الصلاة والسلام – لما صارت روحه إلى الله – تبارك وتعالى – قال له: يا موسى كيف وجدت الموت؟ قال: وجدت نفسي كالعصفور حين يقلى على المقلى، لا يموت فيستريح ولا ينجو فيطير، وروي عنه أنه قال: وجدت نفسي كشاة حية تسلخ بيد القصاب (?) .

الوجه الثاني:

... إن الإنسان مع كونه في تلك الحال عند الاحتضار، فإن الشياطين الأشرار، تحيط به من جميع الجهات والأقطار، ويقول بعضهم لبعض: دونكم هذا، فإن فاتكم فلن تدركوه، فيجتمع على الإنسان عند السياق أمران فظيعان:

الأول: ضعف قواه، لدهاه من كربات الموت واعتراه.

الثاني: كثرة المردة الطغاة، وبذلهم ما في وسعهم لجعل المحتضر من العتاة، الغواة.

... فإن تداركت رحمة أرحم الراحمين عبده الضعيف المسكين في ذلك الحين، وثبته بالحق المبين، فقد سعد أبد الآبدين، وفاز بالنعيم المقيم في جنات النعيم، وإلا فهو من الهالكين الخاسرين، المخلدين في نار الجحيم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015