والثاني فروض مؤقتة بأمكنة وأزمنة وقد مر الكلام على هذين القسمين وبينت في الموعظة السابقة أن القسم الثاني من فرائض الله وواجباته أعني الفروض المؤقتة لا تقبل إلا إذا حقق الإنسان الفرض الدائم وقام به وبينت أن الناس ينقسمون نحو الفرض الدائم إلى ثلاثة أقسام تكلمت على قسمين اثنين ووعدت بأن أتكلم على القسم الثالث في هذه الموعظة وهم عباد الله طوعاً واختياراً ورضوا بدينه منهجاً لهم في هذه الحياة ورضوا به إلهاً لهم ورضوا بنبيه صلى الله عليه وسلم رسولاً لهم ولا يوجد عندهم خلل من هذه الناحية: ناحية الاعتقاد إنما خلطوا وقصروا وفرطوا في جانب العمل ووقع منهم تقصير وزلل، هذا القسم الثالث الذي وقع منه الزلل الزلل الذي يقع منهم إما أن يكون من الزلل الذي لا ينفك عنه البشر بحكم بشريته وإنسانيته فكل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون فإذا وقعوا في شيءٍ من القاذورات رجعوا إلى رب الأرض والسموات {والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون} ، {والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة} وإذا وقعوا في شيءٍ من القاذورات الكبيرات رجعوا إلى رب الأرض والسموات {ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون} فهم في جانب الاعتقاد على سلامة ونقاء لكن في جانب العمل عندهم تفريط وزلل هذا التفريط الذي يصدر منهم أحياناً يؤدي إلى حبوط طاعاتهم وإن لم يكونوا من الكافرين وقد يمن الله عليهم بقبول أعمالهم فهو أرحم الراحمين.
إخوتي الكرام..
كما قلت: بعض المعاصي تحبط الطاعات والإنسان بطبيعته وبشريته لا ينفك من مخالفات لكن المؤمن إذا وقع في مخالفة العمل هو صحيح الاعتقاد بالله عز وجل وبرسوله صلى الله عليه وسلم وبدينه فلا يرضى بديلاً عن ذلك ومع أنه مخطئ مسرف مقصر إذا فعل المخالفات يستاء وإذا فعل الطاعات يفرح فهذا دليل على عبوديته لربه مع تقصيره ونقصان إيمانه.