فإنَّ أبي وَوَالِدهُ وَعِرْضِي ... لِعِرْضِ مُحَمَّدٌ مِنْكُمْ وِقاءُ

أتَشْتُمُهُ وَلَسْتَ لَهُ بكُفْءٍ ... فَشَرُّكُما لخَيْرِكُما الفِداءُ

لِسانِي صَارِمٌ لا عَيْبَ فِيهِ ... وبَحْرِي لا تُكَدّرهُ الدّلاءُ

فقيل: يا أم المؤمنين أليس هذا لغواً؟ قالت: لا إنما اللغو ما قيل عند النساء، قيل: أليس الله يقول {والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم} قالت: أليس قد أصابه عذاب عظيم؟ أليس قد ذهب بصره، وكنع بالسيف؟ تعني الضربة التي ضربه إياها صفوان بن المعطل السلمي حين بلغه عنه أنه يتكلم في ذلك، فعلاه بالسيف وكاد أن

السعدي:

لما ذكر فيما تقدم تعظيم، الرَّمْي بالزنا عموماً، صار ذلك كأنه مقدمة لهذه القصة، التي وقعت على أشرف النساء، أم المؤمنين رضي الله عنها، وهذه الآيات، نزلت في قصة الإفك المشهورة، الثابتة في الصحاح والسنن والمسانيد.

وحاصلها أن النبي صلى الله عليه وسلم، في بعض غزواته، ومعه زوجته عائشة الصديقة، بنت الصديق. فانقطع عقدها فانحبست في طلبه ورحلوا جملها وهودجها، فلم يفقدوها ثم استقل الجيش راحلاً، وجاءت مكانهم، وعلمت أنهم إذا فقدوها، رجعوا إليها فاستمروا في مسيرهم.

وكان صفوان بن المعطل السلمي، من أفاضل الصحابة رضي الله عنه، قد عَرَّس في أخريات القوم، ونام، فرأى عائشة رضي الله عنها، فعرفها، فأناخ راحلته، فركبتها من دون أن يكلمها أو تكلمه، ثم جاء يقود بها، بعد ما نزل الجيش في الظهيرة. فلما رأى بعض المنافقين، الذين في صحبة النبي صلى الله عليه وسلم، في ذلك السفر، مجيء، صفوان بها في هذه الحال أشاع ما أشاع، وفشا الحديث، وتلقفته الألسن، حتى اغتر بذلك بعض المؤمنين، وصاروا يتناقلون هذا الكلام، وانحبس الوحي مدة طويلة عن الرسول صلى الله عليه وسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015