التأويل الأول: إن قصدا أن التلفظ بالنية بدعة حسبما شاع عند الموسوسين في العصور المتأخرة فإذا أراد أن يصلي يقول ديباجة طويلة بحيث تفوته تكبيرة الإحرام وأحياناً يعيد ديباجته بحيث تفوته الركعة فإذا ركع الإمام أسرع بعد ذلك في التلفظ بالنية ودخل مع الإمام هذه وسوسة وهذه بدعة والغلو في أي شيء كان مذموم، كما يقوله بعض العوام: نويت أن أصلي أربع ركعات فرض صلاة الظهر /فرض صلاة العصر حاضراً مستقبل القبلة الشريفة مقتدياً بهذا الإمام، ويقول هذه الديباجة ثم بعد ذلك يعيدها، يعيدها ويعيدها فلا شك أن التلفظ بذلك بحيث يشوش على الحاضرين ويقول هذه الديباجة الطويلة كما قلت هذا منكر وهذه بدعة وهذا مذموم وينبغي أن يمنع منه المسلمون. أما لو أن الإنسان قالها بلسانه عندما يريد أن يحرم بصلاته كما هو الحال عندما يريد أن يحرم بحجة..بصيامه..بغير ذلك قال بحيث يسمع نفسه ليستحضر ما يريد أن يفعله بقلبه وبلسانه وبجميع جوارحه باقتصاد دون تشويش على أحد من العباد فلا حرج، فإن قصد هذان الإمامان ومن تبعها هذا الأمر فهما على حق وصواب وهذا كما قلت مذموم ما ينبغي أن يقوله العباد.
وأما إن قصدا أن مجرد التلفظ بالنية بدعة فهذا كما قلت إخوتي الكرام يصادم ما عليه جماهير أهل الإسلام، وقد تقدم معنا مراراً أن القول إذا احتمله الدليل وقال به إمام جليل لا يجوز أن نحكم عليه بالبدعة والتضليل وهنا قول يقرره ثلاثة من أئمتنا الكرام وهذا القول يشهد له في الجملة حديث ثابت عن نبينا عليه الصلاة والسلام فالقول بأنه بدعة لا يستقم حسب قواعد الإسلام والعلم عند ذي الجلال والإكرام.