إخوتي الكرام: تحقيقا لعقد الإخاء الذي عقده الله بين أولياء رب الأرض والسماء أمرهم الله أن يكون الخليفة عليهم واحد يدير هذه الأمة وهو المسؤول عن جيوشها وعن بيت مالها وعن تدبير أمورها نعم له نواب وأعوان ينوبون عنه ويرفعون كل شيء إليه وهذه الأمة هي يد واحدة وهي وإن تعدد أفرادها فهي كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا وكالجسد الواحد الذي يكمل كل عضو فيه الآخر ولا يمكن أن يستغني هذا الجسد عن عضو منه وإذا فصلت اليد عن الجسد فلا قيمة لها فإن اليد لا تضرب إذا فصلت عن الجسد وإذا فصلت الرجل عن الجسد فلا تمشي وإذا فصلت العين عن الجسد فلا تبصر وإذا قطعت اللسان عن الجسد فلا يتكلم وحال الأمة في هذه الأيام فصلت أعضاؤها وقطعت أطرافها عن بعضها وإلى الله نشكوا أحوالنا.
إخوتي الكرام: وقد قرر أئمتنا الكرام أن هذا الأمر الذي غاب عن كثير من الأذهان أنه واجب على أهل الإسلام أعني أن يكون عليهم خليفة واحد يقود هذه الأمة بجميع أجناسها وأشكالها واختلاف لهجاتها ولغاتها وأن يكونوا أخوة متحابين في الله رب العالمين هذا أمر واجب وهو مجمع عليه بين أئمتنا لا يخالف فيه إلا من كان ضالا نص على الإجماع إمام الفقهاء وسيد المحدثين الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا في كتابه الرسالة صفحة 419 وقد حكى الإجماع غير واحد من أئمتنا الكرام انظروه في كتاب الأحكام السلطانية للإمام الماوردي وفي كتاب الأحكام السلطانية للإمام الفراء.
ونقل الإجماع على ذلك الإمام ابن حزم في كتاب مراتب الإجماع وأقره على ذلك شيخ الإسلام الإمام ابن تيمية في التعليق على كتابه المسمى بنقض مراتب كتاب الإجماع وحكى الإجماع على ذلك شيخ الإسلام الإمام النووي في شرح صحيح مسلم في الجزء الثاني عشر صفحة 32 فقال اتفق أهل العلم على أنه لا يجوز أن تعقد الخلافة لخليفتين في وقت واحد في بلدين سواء كانا متباعدين أو متقاربين.