والحالة الثالثة:- التي تعتري الإنسان ولا تخرج أحوال الإنسان عن ذلك حالة مستقبلة ستنزل به ويفكر فيها فيقال لها: توقع وانقطاع، يتوقع، فإن كانت في محمود أو محبوب سميت تلك الحالة رجاءً وأملاً، وإن كانت تلك الحالة المتوقعة في مذموم ومكروهٍ سميت تلك الحالة خوفاً وإشفاقاً ووجلاً، وهذا ما قررته في تعريف الخوف، تأمل القلب، احتراق القلب بسبب توقع مكروه، سينزل عليك في المستقبل عن أمارة يقينية معلومة أو مظنونة عليه، هنا ما تتوقع أنه سينزل بك إن كان محموداً يسرك، فرحت، وهذا يقال له أمل، يقال له رجاء، وإن كان سينزل بك وهو مكروه تخافه وتحزن يقال هذا خوف، إشفاق، وجل، وهؤلاء العباد الذين يعمرون بيوت الله في الأرض {يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار} فلنطبق تعريف الخوف على حالتهم كل واحد منا اخوتي الكرام يوقن يقيناً أنه سيموت وبعد الموت سيبعث وسيأتينا تقرير البعث بأدلته التي لا يماري فيها عاقل في المبحث الثاني من المباحث إن شاء الله، وإذا كان الأمر كذلك سنبعث كما نستيقظ، وسنموت كما ننام، إذا كان الأمر كذلك سنموت وسنبعث، لا يخلو واحد منا من تفريط وتقصير في حق الله جل وعلا وما يعلم هل سيغفر له أم لا، إذا علم أنه سيؤول إلى الله وهو صاحب تفريط وتقصير وعصيان، ماذا سيكون حاله، إذا توقع عقوبة من الله وغضباً من الله سيعتري قلبه في هذه الحياة الحالة التي ذكرتها وهي الخوف والوجل والإشفاق من الله عز وجل نعم من علم هذا سيخاف ولا بد، رضي الله عن الحسن البصري عندما يقول كما في حلية الأولياء (من علم أن الموت مورده وأن الساعة موعده وأن الوقوف بين يدي الله مشهده حقيق به أن يطول حزنه في هذه الحياة، وأن يخاف من رب الأرض والسموات) الموت سترده ولا شك في ذلك، والقيامة موعدك لا شك في ذلك، سيجمع الله الناس ليومٍ لا ريب فيه، ويحصي عليهم مثاقيل الذر {فمن يعمل مثقال ذرةٍ خيراً يره * ومن يعمل مثقال ذرةٍ شراً يره} ،