وقد ذكر الإمام ابن القيم عليه رحمة الله أدلة على المنع منها ما يقبل ومنها ما لا يقبل ومن ذلك قال إن حديث أنس رضي الله عنه الذي تقدم معنا نصَّاً صريحاً في تحريم زيارة النساء للقبور وما فهم ذلك أحداً قبله ولا بعده ولذلك لم يسبقه إلى ذلك أحد ولا تبعه عليه أحد وما وجه ما فهمت وما قلت من الحديث قال إن قول النبي عليه الصلاة والسلام للمرأة اتق الله يقول والتقوى هي فعل ما أمر الله وترك ما نهى عنه وزيارة القبور للنساء منهياً عنه فكان النبي عليه الصلاة والسلام يقول له لا تزور القبور ثم قال قوله اصبري قال إن الصبر يلزم منه عدم خروجها من البيت وعدم بكائها مما يدل على خروجها لزيارة القبور منهياً عنها أنت تصادر على المطلوب في كلامك تقول إن الزيارة منهياً عنها، ولذلك دخلت ضمن قول الله اتق الله لأن التقوى فعل المأمور وترك المحذور قرر ذلك الأمر ثم أثبته على أنه من مقتضيات التقوى، أن لا يفعله الإنسان إنني أقول ما قاله أئمتنا الكرام رضوان الله عليهم أجمعين إن الزيارة لو كانت ليست شرعية لنهى عنها خير البرية عليه صلوات الله وسلامه بلفظ صحيح صريح يدل على المطلوب لقال (يا أمة الله علاما تزورين القبور) وهذا لا يجوز في حق النساء أما أن يقول لها اتقي الله واصبري ما أنكر عليها الزيارة إنما يريد أن يذكرها بتقوى الله وأنه لا داعي للجزع والهلع ولا للنياحة ولا للعويل، اتقي الله واصبري، ولذلك عندما جاءت إليه وقالت له لم أعرفك عليه صلوات الله وسلامه ما قال لها إنك فعلت منكراً بزيارتك، إنما قال لها إنما الصبر عند الصدمة الأولى.