إخوتي الكرام: إن هذا الشهر هو شهر الصبر كما ثبت ذلك عن نبينا عليه الصلاة والسلام وسيأتي تقرير هذا في المواعظ الآتية إن شاء الله بكلام نبينا صلوات الله وسلامه هذا الشهر هو شهر الصبر ومنزلة الصبر من الدين كمنزلة الرأس من جسد الآدميين، إذن هذا الرأس لا يمكن للبدن أن يثبت ولا أن يحيي إلا برأس وهذا الدين لا يمكن أن يكتمل في بدنك وأن تقوم به وأن يحصل فيك إلا بصبر والصائم عندما يصوم يحصل هذه الصفة، هو شهر الصبر، شهر الصيام هو شهر الصبر فإذا صام الإنسان ملك نفسه وراقب ربه، ملك نفسه عندما ضبط شهوته (يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي) إذا امتنع عن الشهوات التي أحلها الله، امتنع عنها في نهار رمضان لأن الله أمره بالامتناع عنها سيمتنع عما حرمه الله عليه على الدوام من باب أولى، من امتنع عن الشهوة والشراب والطعام في نهار رمضان طاعة لذي الجلال والإكرام، سيمتنع عن الخمر والمخدرات والزنا وسائر الآثام في غير شهر رمضان من باب أولى إذا صام واتقى ربه في رمضان، إذن يملك الإنسان نفسه وهذا هو القوي وهذا هو الشجاع وهذا هو البطل، وهذا هو الرجل.
كما ثبت في مسند الإمام أحمد والصحيحين والحديث من موطأ الإمام مالك عليهم جميعاً رحمة الله من روية أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ليس الشديد بالصُرُعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب " ليس الشديد بالصُّرعة الذي يصرع الرجال ويلقيهم على الأرض – إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب والصائم قد ملك نفسه ملك غضبه، ملك شهوته، ملك رغبته ملك رهبته وهذه أركان الكفر لا يمكن أن يقع الإنسان في كفر أو في معصية إلا بغضب أو شهوة أو رغبة أو رهبة وكل هذه الأمور ضُبطت عند الصائم.