إخوتي الكرام: وهذه الآية التي ذكرتها: "يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون" أيام معدودات.. ينبغي أن تقف معها أربع وقفات على سبيل الاختصار أولها: "يأيها الذين آمنوا" ناداهم الله جل وعلا بهذه الصفة وأخبر عنهم بهذا العنوان ليسهل عليهم امتثال أمر الرحمن فهذه الصفة هي الباعثة على الالتزام على وجه التمام فمن رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولا ينبغي أن يصدق الشرع المطهر فيما اخبر وأنه يطيعه فيما أمر وأن ينتهي عما عنه زجر وحذر.. "يأيها الذين آمنوا" تمهيداً للاستجابة لما سيكلفون به ويؤمرون به وفي ذلك هنا دلالة على وجه الخصوص إشارة إلى أمر يتعلق بموضوعنا ألا وهو " يأيها الذين آمنوا" يا من حصلت لكم نعمة الإيمان بسبب إنزالها في شهر رمضان..
انتبهوا لمنزلة هذا الشهر وصوموه لتتقربوا إلى الله عز وجل.. "يأيها الذين آمنوا " نُور الإيمان شاع في شهر رمضان ففيه أُنزل القرآن، وفيه بُعث خير الأنام عليه الصلاة والسلام "يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام " كُتب – فُرض عليكم الصيام وإنما أخبر الله عن فرضيته بلفظ الكتابة لأن هذا أبلغ ما يكون في الإيجاب والتوكيد وإذا أردت أن تؤكد الشيء وأن تؤكده تكتبه وتقيده.
ولذلك قال أئمتنا من أراد شيئاً هم به وأراده، ثم نطق به وقاله وإذا اشتدت منزلته عنده قيده وكتبه فالإرادة مبدأ والكتابة منتهى " يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام " أراد الله منكم الصيام وأمركم به وسجّله عليكم على وجه التمام "كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم".