.. واعلم أن تغيظ أبي طلحة، وغضبه – رضي الله تعالى عنه – كان بعد استرجاعه كما في رواية في المسند أن أم سليم قالت: يا أبا طلحة إن آل فلان استعاروا من آل فلان عارية، فبعثوا إليهم ابعثوا إلينا بعاريتنا، فأبو أن يردوها، فقال: أو طلحة: ليس لهم ذلك، إن العارية مؤداة إلى أهلها، قالت: فإن ابنك كان عارية من الله – عز وجل – وإن الله قد قبضه، فاسترجع (?) وما كان من أبي طلحة – رضي الله تعالى عنه – من تغيظ وغضب إنما كان بسبب تأخير أعلامها بموت ولده، حتى جرى منه ما جرى، ولم يكن ذلك التغيظ تسخطاً على المقدور، وتبرماً من فعل من بيده مقاليد الأمور، فاعلم هذا والله يتولى هدانا جميعاً، فهو الهادي لا إله غيره، ولا رب سواه.
فانظر – رعاك الله الكريم – إلى ذلك العقل الراجح العظيم، والنظر السديد القويم، من تلك المرأة من سلفنا الصالحين، عندما أيقنت أن لله ما في السموات وما في الأرض، فلله أعطى، وله ما أخذ، وكل شيء عنده بمقدار، كيف دعاها ذلك الإيمان للسكينة والاطمئنان، وانشراح الصدر بقضاء الرحمن، ولله در من قال:
وما المالُ والأهلون غلا وَدَائِعُ ... ولابدّ أنْ تُردّ الوَدَائعُ