ثبت ذلك في مستدرك الحاكم ومعجم الطبراني الكبير والأوسط، ومسند البزار وشعب الإيمان للإمام البيهقي بسند صحيح عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما –وهذا الأمر موقوف عليه- ولا يمكن أن يقال من قِبَل الرأي البشري إنما هو مأخوذ عن رسولنا النبي صلى الله عليه وسلم فله حكم الرفع إلى نبينا صلى الله عليه وسلم قال هذا العبد الصالح –حبر الأمة وبحرها ترجمان القرآن – (فُصِل القرآن من الذكر من اللوح المحفوظ ثم نزل إلى بيت العزة في السماء الدنيا في شهر رمضان فجعل جبريل ينزل به على النبي –عليه الصلاة والسلام) .
هذا النزول الأول للقرآن وفائدته التنويه بعظيم منزلة القرآن ورفعة شأنه وإخبار سكان السماء بأن هذا الكتاب هو أفضل كتب الله على الإطلاق وسينزل على آخر أمة على آخر الأنبياء والمرسلين على نبينا وعلى جميع أنبياء الله ورسله صلوات الله وسلامه وليكون في ذلك –بعد ذلك- إلهاباً لمشاعر النبي صلى الله عليه وسلم وتحريكاً لشوقه ليتطلع إلى نزول القرآن بتمامه وكماله. كما قال القائل:
وأقرب ما يكون الشوق يوماً ... إذا دنت الخيام من الخيام
فالقرآن في السماء الدنيا قد استقر في شهر رمضان في ليلة الرابع والعشرين منه كما سيأتينا وسينزل عليه يا خير خلق الله – عليه صلوات الله وسلامه- فتطلع إلى إكماله وإتمامه وليشتد شوقك إليه (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن..) .
والإنزال الثاني: كان في نفس الوقت أيضاً في تلك السنة في ذلك الشهر في نفس الوقت والزمن نزل جملةً من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا ثم أنزل خمس آيات.. في ذلك الوقت على خير خلق الله عليه صلوات الله وسلامه وبعث نوراً لهذا الوجود في هذا الشهر الكريم – فأنزل الله عليه خمس آيات من سورة العلق: (اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم) .