إذاً ما الداعي لإنكار هذا، والحديث ثبت، وكون بعض الوقائع التي قيل فيها الحديث في يهودي أو في يهودية لا يخصص هذا عموم الحديث الذي قيل في غير اليهودي واليهودية، وعليه اعتراض أمنا عائشة رضي الله عنها على عمر وعبد الله بن عمر وعلى من روى هذا الحديث، هذا الاعتراض مردود ومن حسب حجة على من لم يحفظ نعم تأويل هذا الحديث بما أولته حق ومقبول، وحكايتها للحديث بما نقلته أن النبي عليه الصلاة والسلام مر أحياناً على يهودي ويهودية وأهلها يبكون عليهما، فقال إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه، لا يمنع أن يخص هذا الحكم باليهودي واليهودية، والعلم عند الله، فإذاً هنا نقول لا مانع أيضاً أن يكون في كافر معلوم وينسحب الحكم إلى كل من اتصف بوصفه المذموم، فكل من أمر بالنياحة عليه أو ما حذر أهله من النياحة عليه يعذب في قبره وعند ربه، هذه معانٍ أربع وكلها حقا.
المعنى الخامس: قال أئمتنا المراد من العذاب هنا أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه، المراد من العذاب توبيخ الملائكة بالميت ومعاتبتهم له وتقريعهم له هل هذه الأوصاف وهذا المعنى حق قد دلت عليه نصوص كثيرة صحيحة، كما أن المعاني السابقة حقاً، فإذا أوصى يعذب وإذا علم من حالتهم النياحة وما نهاهم يعذب، وإذا كان فيه وصف مذموم وبكوا من أجله يعذب، وإذا كان الميت كافر وناح أهله عليه يعذب، جميع المعاني صحيحة.