أما أولاً: فالحديث صحيح وغاية من تكلم فيه من ابن حزم والذي توفي سنة ستة وخمسين وأربعمائة للهجرة 456هـ فمن بعده قالوا إن الحديث منقطع لأنه معلق والإمام البخاري يقول في صحيحه وقال هشام بن عمار وهو من شيوخ الإمام البخاري وقد روى عنه أهل الكتب الستة إلا مسلماً وقد توفي هشام بن عمار سنة خمسة وأربعين ومائتين للهجرة 245هـ، وهو من الأئمة القراء المحدثين الكبار كان أحمد بن أبي المواري، وهو أحمد بن عبد الله بن ميمون الذي توفي بعده بستة وهو ريحانة الشام، وهو ثقة عابد صالح زاهد حديثه في سنن أبي داود وابن ماجة يقول إذا حدثت في بلد فيها هشام بن عمار فينبغي للحيثي أن يتخلف، ويكفيه جلالة أن البخاري من تلاميذه، وهكذا كما قلت أهل السنن الأربعة، وقال هشام بن عمار، فقال هنا لم يشرح البخاري بالتحديث والسماع، وهذا كلام مردود لا وزن له ولا اعتبار، فهشام بن عمار من شيوخ البخاري، والتلميذ إذا روى عن شيخه بصيغة السماع أو التحديث أو الأخبار أو العنعنة أو القول فقال قال أو عن أو سمعت أو حدثني أو أخبرني كلها حكمها واحد، إذا لم يكن التلميذ من، وما وصف أحد من خلق الله إمام المحدثين وشيخ المسلمين، أعني الإمام البخاري بالتدليس فروايته عن هشام بن عمار بأي طريق كان عن أو قال أو أخبرني أو حدثني، محولة على الأثقال قطعاً وجزماً، وهذا ما أشار إليه أئمتنا الكرام في كتب المصلح فاستمع لقول شيخ الإسلام الشيخ زين الدين عبد الرحمن الأثري عليه رحمة الله عندما يقول:
وإن يكن أول الإسناد حذف ... مع صيغة الجزم فتعليقاً عرف
أي هو حديث معلق، إذا حذف من مبدأ إسناده رادٍ فاكثر، أما الذي ولو إلى آخره.
أما الذي عزا لشيخه يقال ... فكذا عنعنة كجز المعازف
لا تصغ لأبن حزم المخالف.
نعم أئمتنا كان يوردون هذا في كتب المصطلح وفي كتب الفقه ويبينون أن شذوذ ابن حزم لا ينبغي أن يؤخذ به، ولذلك قال أئمتنا في تحريم الغناء والمعازف والمزامير.