أقسم الله جل وعلا بالفجر، والمراد منه طلوع الفجر لا يراد منه فجرٌ معين على التحقيق عند أئمتنا الكرام أقسم الله بطلوع الضياء وإشراق النور والبهاء بعد الظلام فهو فالق الإصباح وهو الذي جعل الليل سكنا وهو الذي جعل الشمس والقمر حسباناً بحساب وتقدير. فلا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكلٌ في فلك يسبحون. سبحانه سبحانه هو الذي يأتي بالضياء بعد انتشار الظلماء. والفجر. وهذا هو المعتمد كما قلت إخوتي الكرام عند أئمتنا المفسرين وما قيل إن المراد بالفجر فجر يوم النحر أو فجر يوم عرفة أو فجر أول أيام عشر ذي الحجة أو فجر عشر أيام ذي الحجة كلها أو فجر أول يوم من السنة الهجرية أول يوم من أيام شهر الله المحرم ما قيل من هذه الأقوال فكل هذا من باب التمثيل لما يدخل في ذلك اللفظ وهو أعم من ذلك فيقسم الله بالفجر أي بسطوع النهار بعد أن خيم الظلام على البشرية والفجر وليال عشر: هي ليال عشر ذي الحجة هذا الذي رجحه شيخ المفسرين الإمام ابن جرير الطبري وقال إنه هو الصواب وحكاه عن الإمام بن كثير في تفسيره ومال إليه وهذا قول جماهير المفسرين.
وهو المنقول عن ترجمان القرآن وجد الأمة بمدها سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وهو المنقول أيضاً عن عبد الله بن الزبير وعن مجاهدين جبر رضوان الله عليهم أجمعين وليالٍ عشر يعني ليالِ عشر ذي الحجة وليال عشر والشفع والوتر وقد أكثر أئمتنا الكرام مما يحتمله هذا اللفظ من معاني حسان فأوردوا عشرين قولا في المراد من الشفع والوتر لعل أظهرها وأوجهها والعلم عند الله أن المراد بالشفع الخلق بأسرهم فكل مخلوق له ما يوزاوِجُه وهو فرد وله ما يقابله فالمخلوقات كلها شفع "ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون".