وقد قرر نبينا - صلى الله عليه وسلم - هذا، ففي مسند الإمام أحمد والكتب الستة إلا سنن بن ماجة من رواية عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: [أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً ومن كانت فيه خصلة منهنَّ كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا ائتمن خان وإذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر] إن الفجور عند المخاصمة والكلام البذيء هذا ليس من خصال المؤمنين فإذا خاصمت تكلم بكلام شرعي تعطي الإنسان ما يستحقه من كلام وأنا أعجب في الألقاب والأوصاف أين العفة في اللسان وأين مراقبة الرحمن في الكلام أليست الخصومة من صفات المنافقين أليس الفجور في الخصومة من صفات المنافقين؟ وإذا خالفته في مسألة كأنه يعلم ما في قلبك وكأنه يعلم مصيرك ويصور الأحكام بعد ذلك عليك وكأنه هو الذي خلقك وستؤول إليه، رفقاً بنفسك أيها الضال رفقاً بنفسك أيها المخرف إذا خاصمت فقل الحق ونسأل الله أن يرزقنا كلمة الحق في الرضا وفي الغضب وأن يلزمنا الحق والصواب في جميع أمورنا، فإذا خاصمت فلا تفجر من خصال المنافقين، [إذا خاصم فجر] .
هكذا وردت الأحاديث بذلك، ففي مسند الإمام أحمد والصحيحين وسنن الترمذي والنسائي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان] والحديث رواه الإمام النسائي بسند صحيح عن عبد الله ابن مسعود موقوفاً عليه من قوله وهو مرفوع أيضاً من قول نبينا عليه الصلاة والسلام في الرواية المتقدمة التي ذكرتها، هذا كله كما قلت من نفاق العمل، أن يقول الإنسان مع وفي مجالسته لأصحابه كلاماً إذا خرج عنهم قال بخلافه هذا هو النفاق.