والآية إخوتي الكرام يمكن أن تكون نازلة فيمن عمل الصالحات ثم فرح عجباً وفرحاً وبطراً وفخراً وأراد أن يمدح بصالحات لم يعملها كما نص على ذلك الإمام الخطيب الشربيني في كتاب السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض كلام ربنا الحكيم الخبير ومعنى الآية لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا بما فعلوه من صالحات فرح عجيب وبطر وأشر ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا أي بصالحات أخرى لم يفعلوها فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم.
إخوتي الكرام: هذا اللسان ينبغي أن نضبطه وأن نتقي الرحمن وينبغي أن نتواصى بالحق ونتواصى بالصبر وأما أن نتمادح بالباطل وأن نقول للعاصي الجاهل إنك ولي كامل والله هذه بلية ما سبق لها مثيل وهذا العصر الذي نعيش فيه عصر اختلال الموازين.
إخوتي الكرام إن المحقرات التي نغوص فيها ستهلكنا إذا لم نع أمرنا ولم نعد إلى ربنا وأما الذنوب الواضحات التي هي معلومة عند المخلوقات فلا أريد أن أفيض في الكلام عليه لكن أذكر نماذج منها من باب ذكر المثال على غيره هذه معلومة وأما المحقرات قلت هذه لا نبالي بها وهي من المهلكات أما الذنوب الأخرى التي هي واضحة وتفعل على أنها معصية فهذه أيضاً كثيرة والأمة تخوض فيها منها قطيعة الرحم وقطيعة الرحم سبب للمنع من دخول الجنة كما ثبت في المسند والكتب الستة إلا سنن النسائي من رواية جبير بن مطعم رضي الله عنه وأرضاه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:" لا يدخل الجنة قاطع " يعني قاطع رحم ومنها الغيبة والنميمة وقد فاشتا فينا غاية الفشو وقد ثبت في المسند والكتب الستة إلا سنن ابن ماجه من رواية حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا يدخلن الجنة فتات " يعني نمام ومنها الكبر والغلو الذي يحصل في كثير من النفوس والخيلاء والتكبر على عباد الله.