وقد كانت همم أنبياء الله ورسله عليهم صلوات الله وسلامه تتطلع إلى هذا لأن ذلك الوصف لا يكون إلا لمن دخل مدخل الصدق وخرج مخرج الصدق قول خليل الرحمن إبراهيم على نبينا وعليه أفضل الصلاة وأتم التسليم كما حكى ذلك عنه رب العالمين: {واجعل لي لسان صدق في الآخرين} أن يثنى علي بالخير والفضيلة بحسب ما في مما يرضيك: {واجعل لي لسان صدق في الآخرين} في الأمم التي تأتي يثنون على بصدق ولا يكون حال من يثنى عليه كحال من يثنى عليه من أعداء الله قد ينشر للإنسان من الثناء ما يملأ ما بين المشرق والمغرب ولا يزن عند الله جناح بعوضة فليس هذا الثناء بحق إنما هو بكذب وبهتان وافتراء وإذا حقق الإنسان ذلك جعل الله له لسان صدق ويبشره بأن له عند الله قدم صدق كما ذكر الله عز وجل في أول سورة نبيه يونس على نبينا وعليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه: {الر تلك آيات الكتاب الحكيم * أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم قال الكافرون إن هذا لساحر مبين} .
{لهم قدم صدق عند ربهم} : يقدمون على منزلة حقة يستحقونها بما قدموه من عمل صالح واتباع لرسول الله عليه الصلاة والسلام وعبادة لله عز وجل وهم بالتالي في مقعد صدق كما قال الله جل وعلا: {إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر} .
إخوتي الكرام:
لابد من تحقيق الفرض الدائم وهو العبودية لرب البرية في كل زمان ومكان فإذا تحقق الإنسان بذلك الوصف على وجه التمام صار عبدا لذي الجلال والإكرام تقبل منه بعد ذلك فرائضه المؤقتة وإذا أتى بما ينقض عبوديته لربه فلا يقبل منه فرض مؤقت لأنه ضيع الفرض الدائم ولذلك عباد الله الذين أضافهم الله إلى نفسه هم أولياؤه المتقون الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
والناس نحو الفرض الأول وهو الفرض الدائم ثلاثة أقسام:
القسم الأول: