والدلالة الثانية: استقراء القرآن، القرآن عبَّر عن الكفار بأنهم موتى القلوب لا يعون بها ولا يفقهون، وهذا يقرره الله في آيات كثيرة ويخبر الله فيها عن الكفار بأنهم موتى، يقرر الله تعالى هذا المعنى في آيات كثيرة إخوتي الكرام..
منها: قول الله جل وعلا في سورة الأنعام: {قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون * ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبأي المرسلين * وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقاً في الأرض أو سلماً في السماء فتأتيهم بآية ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكوننَّ من الجاهلين * إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبغثهم الله ثم إليه يرجعون} (?) .
والآية بإجماع من يعتد به من أئمتنا الكرام {إنما يستجيب الذين يسمعون} وهم المؤمنون الموحدون المهتدون، {والموتى} أي الكفار {يبعثهم الله} تعالى ليجازيهم على أعمالهم فإلى ربهم إيابهم وعليه حسابهم.
{إنما يستجيب الذين يسمعون} {والموتى} الكفار {يبعثهم الله ثم إليه يرجعون} ، وهكذا يقول الله جل وعلا، في آواخر سورة الأنعام أيضاً: {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنك لمشركون * أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارجٍ منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون} .
{أو من كان ميتاً فأحييناه} : أي إماتته يراد بها إماتة البدن أو القلب؟ إماتة القلب التي إذا حصلت في الإنسان ترتب عليها غضب الرب، {أو من كان ميتاً فأحييناه} بنور العلم وهداية الإسلام {كمن مثله في الظلمات ليس بخارجٍ منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون} .