إخوتي الكرام: تعليق هؤلاء ببعض آيات القرآن الكريم، منها: قوله تعالى {فتوكل على الله إنك على الحق المبين * إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين، وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون} (?) ونظيره قول الحي القيوم في سورة الروم مع زيادة حرف واحد في الآية: {فإنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين * وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون} (?) .
قال هؤلاء هاتان آيتان تدلان على أن الموتى لا يسمعون ولا يشعرون ولا يحسون ولا يدركون ولا يعلمون ولا يستبشرون بمن يزورهم ولا يسمعون الكلام الذي عندهم إنما هم بمنزلة الجماد، والآيتان تدلان على ذلك.
وكما قلت إخوتي الكرام فهم أعجمي منكوس أرادوا بعد ذلك أن يردوا به ما صرحت به الأحاديث الصريحة والنصوص.
هذه الآية لا تدل على أن الأموات لا يسمعون، لا ثم لا، وإيضاح هذا إخوتي الكرام هاتان الآيتان منحصر معناهما بمعنيين اثنين لا ثالث لهما، كما قرر أئمتنا الكرام في سائر كتب التفسير الحسان.
المعنى الأول:- وهو الذي عليه جمهور المفسرين، والقول الثاني يؤول إليه، ولا تعارض بينهما، كما سأبين بعد حين.. المراد من الموتى هنا موتى القلوب الذي لم يتنزهوا من العيوب وغضب عليهم ولعنهم علام الغيوب، المراد من الموتى موتى القلوب لا موتى الأبدان، {إنك لا تسمع الموتى} : أي من قلبه خرب عشعش الشيطان فيه، {إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون} وهذا التفسير وهذا القول يقرره ويؤكده ويحتمه ثلاث أمور فانتبهوا إليها.
أولها: قرينة في الآية.
ثانيها: استقراء القرآن الكريم.
ثالثها: الغرض الذي من أجله سيقت هذه الآية.