راجعاً إلى بلاد الشام، رحمة الله ورضوانه عليه، [إن الله حرم على الأرض أجساد الأنبياء] .
نعم إخوتي الكرام الأرض لا تأكل أبدانهم وخصَّهم الله بخصائص في عالم البرزخ، فهم يصلون في قبورهم ويعبدون ربهم سبحانه وتعالى، لأن أعظم نعيم يتنعم به الإنسان في كل حين ذكر رب العالمين، ولذلك يعطي الله أنبياءه التلذذ بذكره في عالم البرزخ كم يعطي ذلك من شاء وأحب من عباده، وأما من دخل الجنة فيتلذذون بذكر الله بعدد أنفاسهم، يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهمون النفس، فهذه أعظم لذة يتلذذ بها المتلذذون ذكر الحي القيوم، {ألا بذكر الله تطمئن القلوب} ، فقرة العين تكون عند مناجاة رب الكوْنين، فكيف يحرم الله أنبياءه منها؟.
وقد ثبت هذا في عن نبينا عليه الصلاة والسلام ففي مسند أبي يعلى والبزار وقال شيخ الإسلام الإمام الهيثمي في المجمع، إسناد الحديث رجاله ثقات، والحديث رواه البيهقي في كتاب حياة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ورواه ابن عدي وابن عساكر والإمام أبو نعيم في تاريخ أصبهان ورواه ابن مندة، وإسناد الحديث صحيح كالشمس، من رواية أنس ابن مالك رضي الله عنه قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: [الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون] .
نعم كيف يحرمون هذه اللذة التي يناجون بها الحي القيوم، وفي حديث الإسرار الثابت في مسند أحمد وصحيح مسلم وسنن النسائي ورواه الإمام عبد الرزاق في مصنفه فهو في صحيح مسلم من رواية أنس بن مالك أيضاً عن النبي قال: [مررت ليلة أسري بي بموسى وهو قائمٌ يصلي في قبره] على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه، فأبدانهم لا تأكلها الأرض، وهم أحياء بين يدي الله تعالى، يصلون له ويعبدونه ويتلذذون بعبادته في عالم البرزخ، كما كانوا يتلذذون بعبادته في عالم الحياة الدنيا.