إخوتي الكرام: إن الحجة التي أنزلها الله علينا وأمرنا بتلاوتها والاستماع والإصغاء إليها وتدبرها هي كلامه وسيسألنا ربنا عن ذلك يوم القيامة كما قال في سورة (الأنعام) : {يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسلٌ منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين * ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون} .
والآيات إخوتي الكرام في ذلك المعنى كثيرة وفيرة كما أن ذكر الله هو أفضل العبادات، فأفضل الأذكار وأعلاها وأجلها تلاوة كلام الله جل وعلا، استماع كلام الله جل وعلا، تدبر كلام الله جل وعلا، وهذا السماع هو الذي كان عليه سلفنا الأتقياء رحمة الله ورضوانه عليهم أجمعين، كانوا يسمعون إلى كلام الله، كانوا يقرأون كلام الله، كانوا يتدبرون كلام الله، ما كانوا يعكفون على سماع القصائد والأشعار، ولا على سماع الأبيات، إنما يسمعون الآيات المحكمات، وقد قرر أئمتنا هذا، انظروا اخوتي الكرام كتاب (مدارج السالكين) للإمام ابن القيم صفحة خمسة وثمانين وأربعمائة صـ485 من المجلد الثالث فما بعدها من هذه الصفحة، وانظروا (مجموع الفتاوى) فقد بحث في هذه القضية في ثمانين صفحة متتالية في الجزء الحادي عشر من صفحة خمسة وثلاثين ومائة إلى صفحة عشرة وستمائة 11/135 إلى صـ610 فبين كما بين أئمتنا قاطبة أن سماع السلف الكرام كان مختصراً في سماع كلام الرحمن في تلاوة كلام ذي الجلال والإكرام، ما كانوا يعكفون على سماع القصائد والأشعار.