وأخبرنا الله جل وعلا أن من يستمع إلى كتابه ويعمل بموجبه فهو ممن هداهم الله، وهو من أصحاب العقول النيرة الواعية فقال جل وعلا في سورة (الزمر) : {والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى فبشر عباد * الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه * أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب} .
وقال ربنا سبحانه وتعالى في نفس السورة بعده بآيات في بيان منزلة كلامه وكتابه وكيف يؤثر في نفوس المستمعين فقال جل وعلا: {الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثانيَ تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله، ذلك هدى الله يهدي به من يشاء، ومن يضلل الله فما له من هاد} .
وأخبرنا الله جل وعلا أن هذه الآثار كما تظهر على الظاهر من قشعريرة الجلد، ومن انقباض الجلد ومن انبساطه تظهر أيضاً على القلوب وتكون في القلوب، وما تأثر الظاهر إلا بعد تأثر الباطن، قال الله جل وعلا في سورة (الأنفال) : {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون} .
وأخبرنا الله جل وعلا أن المؤمنين عندما يستمعون إلى آيات الذكر الحكيم يبكون ويخرون لله يسجدون فقال جل وعلا في آخر سورة (الإسراء) : {قل آمنوا به أو لا تؤمنوا، إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجداً ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولاً * ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً} .
نعم هذا هو وصف المؤمنين وهو وصف النبيين صلوات الله عليهم وسلامه يقول الله جل وعلا في سورة (مريم) بعد أن ذكر أحوال النبيين والصالحين فقال: {أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوحٍ ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجداً وبكيا} .