ومن كلامه المحكم الذي تناقله أئمتنا عنه وأكثروا من ذكره ومن اللهج به وبخاصة شيخ الإسلام الإمام ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية عليهم رحمات رب البرية كان يقول هذا العبد الصالح والله ما طابت الدنيا إلا بمعرفة الله وبمحبته وما طابت الآخرة إلا بمغفرة الله ورحمته وما طابت الجنة إلا برؤية الله ومشاهدته.
يقول هذا العبد الصالح ذو النون مشير إلى هذه الرتبة من أنواع خوف الكلفين من رب العالمين خوفهم إجلالا له وتعظيماً يقول خوف النار عند خوف الفراق كقطرة في بحر لجي.
ويريد بذلك رحمة الله أي أن الرجال الكاملين يخشون من فراق رب العالمين ومن غصبه عليهم أضعاف أضعاف ما يخشونه من نار الجحيم خشية النار الخوف من النار عند خوف الفراق كقطرة في بحر لجي. ويحذركم الله نفسه.
نعم إخوتي الكرام إن هذه الرتبة هي أجل أنواع الخوف أن تخاف من الله إجلالا له وتعظيماً له وهكذا أن تعبده لأنه إله عظيم يستحق العبادة سواء أمرك بالعبادة أولا وسواء سيثيبك على العبادة أولا وسواء نهاك عن مخالفته أولا وسواء سيعذبك على المخالفة أو لا أنت تطيعه وتعبده لأنه إله عظيم فتقوم بحقوق ربك عليك في كل حين ويحذركم الله نفسه وإذا ما أمرنا الله بعبادته هل يصلح منا أن نتخلى عنه وألا نلجأ إليه وإذا ما جعل الله في الآخرة جنة ولا نار هل يصلح منا أن نبتعد عنه:
هب البعث لم تأتنا رسله ... وجاحمة النار لم تضرم
أليس من الواجب المستحقَّ ... عبادة رب الورى الأكرم
أليس من الواجب المستحِقِّ ... الحياء من الرب المنعم
هب أنه ليس هناك بعث وليس هناك نار تضطرم يوم القيامة وتغلي وتفور أليس من حق الله علينا أن نعبده وأن نعظمه وأن نجله وأن نستحي منه. بلى وعزة ربنا وهذا المعنى قرره أئمتنا الكرام وانظروه موسعا.