إخوتي الكرام: لابد أن ننتبه لقضية قررها علماء الإسلام، وهذه القضية يذكرها الإمام أبن قدامة في كتابه المغني في المقدمة، وينقلها شيخ الإسلام ابن تيمية أيضاً في مجموع فتاويه 30/80 وهي (إن اتفاق أئمتنا وإجماعهم حجة قاطعة وأما اختلاف أئمة الإسلام رحمة واسعة) .
قال الإمام ابن قدامة في مقدمة المغني: (تحيا القلوب بذكرهم، وتحصل الخيرات والبركات باقتفاء آثارهم) .
إجماع أئمتنا حجة قاطعة، واختلافهم رحمة واسعة، قلوبنا تحيا عندما نذكرهم ونترحم عليهم، يحصل لنا السعادات والخيرات والبركات عندما نقتفي آثارهم فالإجماع حجة والأختلاف بين أئمتنا رحمة واسعة تتسع له صدورنا ونقول كل يريد وجه ربنا، وعليه إذا قبضت أو أرسلت فأنت على هدى، كما قرر أئمة الإسلام.
وهذا القول أعني أئمتنا حجة قاطعة، واختلافهم رحمة واسعة هذا القول تتابع عليه أئمة الإسلام، ولا يُنكره إلا أهل البدع والضلال والهذيان، وقد قرر هذا الأمر شيخ الإسلام الإمام الخطابي (388هـ) في كتابه (أعلام الحديث) 1/220.
فبعد أن نقل هذه المقولة إجماع العلماء حجة واختلافهم رحمة، قال: وهذا القول لم يطعن فيه غير رجلين، رجل مغموص عليه في دينه، ورجل معروف بالسخف والخلاعة في مذهبه.
أما المغموص عليه في دينه فهو الجاحظ عمرو بن بحر والذي هلك سنة 250هـ أو 225هـ هذا الجاحظ الذي قال عنه أئمتنا كما في لسان الميزان لأبن حجر وسير أعلام النبلاء للإمام الذهبي، يقول: ( ... ما جن في دينه مبتدع) قال ثعلب: (كان يكذب على الله وعلى رسوله وعلى عباده، وهو الجاحظ، يكذب على الله وعلى رسوله وعلى عباده، وختم الإمام الذهبي ترجمته بقوله: فسبحان من أضله الله على علم) .
هذا المخذول يطعن في هذه المقولة ن ويقول: إن اختلاف العلماء ليس برحمة، إنما هذا بدعة، وعند الاختلاف ينبغي أن نأخذ بقولٍ ونردَّ ما عداه وأن نبدَّع المخالف.