ومحل الشاهد في الحديث من رواية العرباض بن سارية رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدث بدعة، وكل بدعة ضلالة] والحديث ثابت في المسند وصحيح مسلم وسنن ابن ماجة وسنن النسائي، من رواية جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، فيما كان يقوله نبينا - صلى الله عليه وسلم - في خطبة الجمعة، وسيأتينا لفظ الحديث بطوله أيضاً، ولفظ الحديث كما قلت – من رواية جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [وكل محدث بدعة وكل بدعةٍ ضلالة] زاد الإمام النسائي في سننه بإسناد صحيح [وكل ضلالة في النار] .

فالمحدث في دين الله، ليتقرب به الإنسان إلى الله لا يكون إلا ضلالة بالتعريف المتقدم، ما أحدث في دين الله، فما لا يشهد له دليل، مما لا أصل له في الدين.

إخوتي الكرام: نحو تعريف البدعة ينبغي أن نقف وقفة مع فرقتين اثنتين حصل في الأمة منهما بلاء وشر مستطير، أما الفرقة الأولى: فقد وسعت مفهوم البدعة لتدخل فيها ما لا ينطبق عليها، وأما الفرقة الثانية فقد ضيقت مفهوم البدعة وقالت لا بدعة في الإسلام وكل ما يفعله الإنسان ويريد به وجه الرحمن فهو مشروع من الخيرات الحسان، أما الفرقة الأولى: فقد تشدَّدت وغلت وأفرطت، وأما الفرقة الثانية: فقد قصِّرت وأجحفت وفرطت، ودين الله بين الغالي والجافي، وإذا كان الأمر كذلك فلابد إخوتي الكرام من معالجة هذه القضية ومناقضة هاتين الفرقتين اللتين تفسدان في أمة نبينا عليه الصلاة والسلام، فريق عن طريق الإفراط وفريق عن طريق التفريط.

أما الفرقة الأولى التي أفرطت وأدخلت في البدعة ما لا يدخل فيها ولا ينطبق التعريف عليها، فأفرطت من وجهين اثنين:

أولها: حكمت على أشياء بالبدعة وقد قام عليها الدليل وقال بها إمام جليل وما احتملته أدلته الشريعة المطهرة وقاله أئمتنا البررة لا يحكم عليه بالبدعية والتضليل إلا خبيث ضلّيل،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015