وقد ذكر الله جل وعلا في مطلع هذه السورة الكريمة أعني سورة البقرة أن من صفات المتقين أنهم يخرجون الحق الواجب من أموالهم كما شرع رب العالمين {الم * ذَلِكَ الكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ} (?) .
فمن صفات هؤلاء الأخيار أنهم يخرجون من أموالهم ما أوجبه عليهم العزيز الغفار {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} وهذا شامل لأمرين اثنين كما ذهب إلى ذلك شيخ المفسرين الإمام الطبري عليه رحمة الله شامل لإخراج الزكاة الواجبة وشاملٌ لإخراج النفقة الواجبة على النفس والزوجة والأولاد ويفهم من كلام الإمام ابن كثير الميل إلى هذا والآية تشمل هذا قطعاً وجزماً لكنها تدل على ما هو أوسع من هذا كما ذهب إليه الإمام القرطبي عليه رحمة الله فالآية تشمل النفقات الواجبة الثلاثة تشمل الزكاة الواجبة ذات النصب المحددة المقدرة. تشمل النفقة الواجبة على النفس والأهل والولد كما تشمل الحق الطارئ على الإنسان في حالة كما تشمل النفقة المستحبة المندوبة مغموم اللفظ شامل لجميع هذا ومما رزقناهم ينفقون من واجبات ومستحبات عبادة الله وإنما كان لإنفاق المال هذه المنزلة عند ذي العزة والجلال فله أجر عظيم عند الله ولا يخاف مما يستقبله ولا يحزن على ما يخلفه وهو من عباد الله المتقين إنما كان الأمر كذلك لأن المال محبوب محبوب إلى النفس هو محبوب ومرغوب ومن أجله كره كثيراً من الناس لقاء علاّم الغيوب وركنوا إلى هذه الحياة من أجل هذه الدريهمات وعليه.